Recent Posts

سجل الزوار

مؤسسة محمد السادس للتربية والتكوين

أشكال التقويم التربوي بمادتي التاريخ و الجغرافيا بالتعليم الثانوي التاهيلي.

بواسطة الأستاذ حميد هيمة بتاريخ الاثنين، 1 مارس 2010 | 3/01/2010 10:54:00 م

بقلم ابراهيم امقران- استاد التاريخ و الجغرافيا- ثانوية الوحدة- تاونات.
تقديم : يحتل التقويم التربوي مكانة مهمة وأساسية ضمن العملية التعليمية-التعلمية، وقد أجمعت العديد من الكتابات التربوية على الأهمية التي يحتلها التقويم في الفعل التربوي، ولهذا فان التوجيهات والمذكرات التربوية قد أولت اهتماما خاصا له.
فما مفهوم التقويم التربوي؟ وأين تكمن أهميته؟ ثم ما أشكال التقويم التربوي التي تميز مادة التاريخ والجغرافيا بالسلك الثانوي التأهيلي؟ وأين تكمن الإشكاليات التي تطرحها؟ وكيف يمكن تجاوز الصعوبات التي تطرحها؟ وبالتالـــــي المساهمة في تحسيـــــن عملية التقويـــــم.
I- التقويم التربوي : المفهوم والأهمية:
1- المفهوم: توجد العديد من التعريفات لعملية التقويم التربوي والتي تختلف أو تتشابه من مختص تربوي إلى آخر، ومن الناحية اللغوية فالتقويم يعني تقدير الشيء وإعطائه قيمة ما والحكم عليه وإصلاح اعوجاجه
[1]. أما من الناحية التربوية فان اغلب التعريفات تركز على مسالتين أساسيتين:[2]
+ ضرورة قيام العملية التقويمية للتأكد من تحقيق الغايات والأهداف والمقاصد التي تم وضعها مسبقا.
+ توفير النتائج اللازمة والصحيحة لكي تساعد على اتخاذ القرارات التربوية السليمة أي ما بعد الفعل التقويمي.
وبهذا المعنى فعملية التقويم لا تتوقف عند الحكم على مستوى المتعلم فقط بل تساعد في تصحيح الممارسة التربوية برمتها، والزيادة من نتائجها.
2- الأهمية: إن للتقويم التربوي أهمية بالغة لكل الفاعلين في حقل التربية (متعلمين، مدرسين،آباء، مؤطرين، لجان التأليف...).
فبالنسبة للمتعلمين يمكنهم التقويم من تحديد مدى تقدمهم أو تراجعهم في عملية التحصيل، كما يساهم في تحديد نوع الصعوبات التي يواجهونها وبالتالي الحلول المناسبة لها. أما بالنسبة للمدرس فهو يمكنه من اخذ فكرة واضحة عما تحقق وبأي كيفية قد تحقق، وما لم يتحقق وبالتالي التفكير في أسباب تحقق أو عدم تحقق الأهداف والغايات الكبرى للعملية التعليمية التعلمية، وفي نفس الوقت يحدد المدرس وضعية المتعلمين في الفصول التي يشرف عليها، ويتمكن من المقارنة بين هذه الفصول من اجل هدف رئيسي وهو تحقيق المزيد من الفعالية وتطوير أداء المتعلمين. ويعطي التقويم للآباء فكرة عن مستوى أبنائهم، وعن الصعوبات التي يواجهونها، ويمكنهم من التفكير في الطرق المناسبة للرفع من المستوى التعلمي لأبنائهم (ساعات إضافية، مجهود أكثر، تنويع أشكال العمل،...الخ). أما المشرفون التربويون ولجان التأليف فان التقويم يمكنهم من تحديد مدى فعالية البرامج المدرسية ومحتوياتها ونقاط القوة والضعف التي تتضمنها. من خلال المعطيات السابقة يتبين أن عملية التقويم تحتل أهمية خاصة الشيء الذي يفرض ضرورة احترام المعايير العلمية قبل وأثناء وبعد انجازها لكي تكون مرشدا ووسيلة للرفع من فعالية الممارسة التربوية.
II- أشكال التقويم التربوي حسب التوجيهات التربوية:
من الناحية التشريعية فقد صدرت العديد من المذكرات و الوثائق التربوية التي تؤطر عملية التقويم وتضبط مختلف الجوانب الشكلية والزمنية و القانونية و المنهجية لعملية التقويم، إلى جانب الشروط التي ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار في اعتماد مختلف أشكال التقويم و من بين هده الوثائق.
+ التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادتي التاريخ والجغرافيا بالجذوع المشتركة للتعليم الثانوي (مارس 2005).
تؤكد هذه التوجيهات على أن المراقبة المستمرة هي الوسيلة الوحيدة لتقييم مردودية التعلم نظرا لغياب الامتحانات الجهوية أو الوطنية في هذه المادة بالنسبة للجذوع المشتركة، صنفت هذه التوجيهات عدة أشكال من التقويم:
أ‌- الفروض الكتابية.
ب‌- أسئلة المراقبة الشفهية في بداية الحصة.
ت‌- أنشطة البحث والأعمال الفردية و الجماعية خارج الفصول الدراسية.
على أن الأهمية القصوى قد أعطيت للفروض الكتابية المحروسة حيث تم تفصيل وتوضيح كل الجوانب المتعلقة بها كالمدة الزمنية وعددها، وتوزيعها خلال الدورة الدراسية، وطريقة صياغتها، ونوع المواضيع التي ينبغي أن تتضمنها. كما يلاحظ ان هذه الفروض تحتل مكانة مهمة في حساب المعدل الدوري حيث تمثل 75% مقارنة مع باقي أشكال المراقبة (فقط 25%).
+المذكرة الوزارية 03-142
تخص هذه المذكرة التقويم التربوي بالسلك الثانوي التأهيلي لمادتي التاريخ والجغرافيا، وقد استند في صياغتها إلى العديد من القرارات الصادرة سابقا في شأن التقويم التربوي كالقرار الوزاري رقم 2385.06 الصادر في 16 اكتوبر 2006 الخاص بتنظيم امتحانات نيل شهادة الباكالوريا والمذكرة 43 الصادرة بتاريخ 22 مارس 2006 الخاصة بتنظيم الدراسة في التعليم الثانوي التأهيلي، والمذكرة رقم 142 الصادرة في 16 نونبر 2007 والخاصة بموضوع التقويم التربوي بالسلك الثانوي التأهيلي.
هذه المعطيات توضح شمولية المذكرة من حيث الجوانب التشريعية والتربوية والشكلية الخاصة بعملية التقويم التربوي.
توضح هذه المذكرة شكلين للتقويم التربوي:
أولا: المراقبة المستمرة: هي أشكال التقويم التي تتم داخل الفصول الدراسية خلال الدورتين الدراسيتين الأولى والثانية وتضم:
+ الفروض الكتابية المحروسة: يتم انجاز أربعة فروض كتابية خلال السنة الدراسية، أي بمعدل فرضين كتابيين خلال كل دورة، والملاحظ أن هذه الصيغة موحدة بالنسبة لجميع الشعب والمسالك (آداب، علوم،...) والمستويات (الجذوع المشتركة، الأولى والثانية باكالوريا). من حيث التوزيع الزمني فيتم انجاز كل فرض عند نهاية كل محور ضمن المجزوءة. أما مكونات الفروض فتضم سؤالا مقاليا اختياريا بين موضوعين في مادة معينة والاشتغال على وثائق في المادة الأخرى على أن يتم تغيير هذا التنظيم في الفرض الموالي.
ويمكن الفرق بين الشعب أو المسالك على مستوى المدة الزمنية، فبينما يخصص للفرض الكتابي ساعتان بالنسبة للآداب والعلوم الإنسانية ومسالك اللغة العربية بالتعليم الأصيل فان الشعب العلمية والتقنية والتعليم الأصيل يخصص لها ساعة واحدة لكل فرض كتابي.
+ الامتحانات الموحدة: تشمل هذه الامتحانات الموحدة امتحانين، الأول جهوي ويخص مسالك التعليم الأصيل والعلوم التجريبية والعلوم الرياضية وعلوم الاقتصاد والتدبير مستوى الأولى باكالوريا، ويتم إجراء الامتحان في مقرر مادتي التاريخ والجغرافيا.
أما الثاني فهو الامتحان الوطني الموحد ويخص مسالك الآداب والعلوم الإنسانية في مستوى الثانية باكالوريا خلال نهاية السنة الدراسية ويشمل مقرر المادتين.
III- الملاحظات والإشكاليات المرتبطة بأشكال التقويم المعتمدة
1- أهم الملاحظات: تعطي هذه المذكرات أهمية بالغة للفروض الكتابية المحروسة على مستوى المراقبة المستمرة كما توضح مختلف الشروط التي ينبغي أن تراعى لتحقيق غايات هذه الوسيلة في عملية التقويم، أما الأشكال الأخرى فقد أعطيت لها أهمية ثانوية.
لكن بالمقابل فان التشريعات التربوية وضعت عدة أشكال للتقويم منها ما هو صفي وما هو غير صفي بشكل يسمح بأخذ فكرة واضحة عن مستوى المتعلمين، وفي نفس الوقت تجاوز الثغرات والاختلالات التعلمية التي تكشفها عملية التقويم.
من حيث العدد يلاحظ أن عدد الفروض الكتابية هو فرضين كتابيين خلال كل دورة وهذا ما يسمح للمدرسين بالحصول على وقت كافي لوضع وانجاز وتصحيح الفروض بشكل جيد. أما الأشكال الأخرى للمراقبة كالأسئلة الشفوية والتقارير والعروض فقد فسح المجال أمام المدرسين بتكييفها حسب الظروف التربوية التي يشتغلون في ظلها.بخصوص الامتحانات الموحدة فقد حددت التشريعات التربوية امتحانين، جهوي ووطني، الأول يخص المسالك والشعب العلمية والتقنية بمستوى الأولى باكالوريا أما الثاني فيخص أقسام الآداب والعلوم الإنسانية بالثانية باكالوريا.
2- الصعوبات المرتبطة بأشكال التقويم: تواجه الممارسة التربوية عدة صعوبات وعملية التقويم لا تخرج عن هذه القاعدة، ومن بين هذه الصعوبات:
Ãالاكتضاض: إن تعدد الأقسام المسندة لكل مدرس تجعل التلاميذ لكل أستاذ يرتفع وقد يصل أحيانا إلى أكثر من 300 تلميذ، وهو رقم جد مرتفع، بحيث أن المدرس في هذه الحالة يكون ملزما بتقويم هذا العدد الكبير من المتعلمين، فخلال كل دورة دراسية يرتفع عدد الفروض التي يجب تصحيحها، وهذا يمثل أيام وربما أسابيع من العمل غالبا ما تتم على حساب التكوين الذاتي وتحضير الواجبات والدروس، إلى جانب تقويم الأعمال الأخرى من تحاضير وتقارير وعروض، دون أن ننسى تكافؤ الفرص في فصل دراسي ب 50 تلميذ.
à طول المقررات الدراسية يرفع من عدد الدروس التي يجب تقويمها خلال كل فرض بشكل يؤثر سلبيا على مردودية المتعلم، ولا يستطيع تجاوز المستوى المعرفي (الحفظ والتذكر).
à مشكل استثمار النتائج حيث يلاحظ تعدد الصعوبات التعلمية والاختلالات فهي معرفية عند عينة معينة، منهجية عند آخرين، بل ولغوية كذلك، الشيء الذي يجعل معالجة هذه الاختلالات صعبة وتتطلب عملا مضنيا لا يقف عند حدود المادة.
à التفاوت بين مضامين المقررات التي ينبغي تقييمها، ومستوى المتعلمين بشكل يجعل أغلب المدرسين يميلون إلى تبسيط الأسئلة و جعلها سطحية.
à طول المقررات الخاصة بالامتحانات يرهق القدرات الذهنية للمتعلم وينعكس سلبا على مردوديته ونتائجه.
الاقتراحات:
على ضوء المعطيات السابقة التي تبين أهمية التقويم التربوي، وأشكاله بمادتي التاريخ والجغرافيا بالتعليم الثانوي التأهيلي والصعوبات المرتبطة، به يمكن صياغة الاقتراحات التالية:
à تطوير البحث التربوي في مجال التقويم.
à تنويع أشكال التقويم فيما يخص المراقبة المستمرة، والرفع من النسبة الخاصة بأشكال التقويم اللاصفية، وعدم اعتبار الفروض الكتابية الوسيلة الأساسية للتقويم، مع وضع معايير محددة لاحترام عنصر الموضوعية.
à إعادة النظر في صياغة الامتحانات الموحدة، بحيث لا يتم الأخذ بعين الاعتبار مختلف الاقتراحات المقدمة من طرف المدرسين.
à وضع امتحانات واختبارات متكاملة، تشمل ما هو معرفي تكويني، وتطبيقي في نفس الوقت، وعدم التركيز على عنصر الحفظ والتذكر.
à تنظيم دورات تكوينية لفائدة المدرسين في مجال التقويم التربوي.
à الزيادة في عدد الفروض الكتابية المحروسة بالنسبة للمستويات المعنية بالامتحانات الموحدة الجهوية و الوطنية ورفعها إلى ثلاثة فروض عوض فرضين، نظرا لكونها تساهم في تكوين المتعلمين، فالتحضير للفرض يعد مناسبة للقيام بمراجعة دقيقة للمادة ،وتمنح بالتالي الفرصة للمتعلم لزيادة تمكنه من المادة.
المراجع :
[1] احمد جودت سعادة: 1984 مناهج الدراسات الاجتماعية، دار العلم لملايين، ص 431.
[2] نفس المصدر، ص 484، بتصرف.

0 التعليقات: