Recent Posts

سجل الزوار

مؤسسة محمد السادس للتربية والتكوين

تحالف الحضارات ، كوفي عنان - ترجمة بولماني عبد الحق

بواسطة الأستاذ حميد هيمة بتاريخ الخميس، 1 أكتوبر 2009 | 10/01/2009 02:28:00 م

من المعروف عن تيارات مضيق البوسفور كونها تيارات قوية ومتناقضة على مستوى السطح والعمق. مع ذلك، تعلم الشعب التركي منذ قرون كيف يتعامل مع هذه التيارات التي تتلاقى على الحدود بين أوربا وآسيا، من جهة، وبين العالم الإسلامي والعالم الغربي، من جهة أخرى؛ مما ساهم في إثراء حضارته. ويشير تقرير (تحالف الحضارات) بشكل دقيق إلى أن ذوبان الاختلافات، سواء على مستوى الرأي أو الثقافة أو الاعتقاد أو نمط الحياة، كان منذ أمد بعيد بمثابة دافع للإنسان نحو التقدم، إذ في الوقت الذي كانت فيه أوربا ترزح تحت وطأة عصر الظلمات، كانت شبه الجزيرة الإيبيرية تتوسع مستفيدة من التفاعل بين العادات الإسلامية والمسيحية واليهودية. في وقت لاحق، ازدهرت الإمبراطورية العثمانية ليس بفضل قوتها العسكرية وحسب وإنما أيضاً بفضل الأفكار والتقنيات والفن الإسلامي الذي أثرته المساهمات اليهودية والمسيحية. مع الأسف، بعد ذلك بقرون عديدة، أصبحت سمة عصر العولمة هي اللاتسامح والتطرف والعنف. وعوض أن يؤدي تقليص المسافات وتطوير وسائل الاتصال إلى إرساء أسس للتفاهم والصداقة المتبادلة فإنه أدى إلى التوتر وانعدام الثقة. كثيرون هم، ولاسيما في الدول النامية، الذين يشككون في جدوى القرية الكونية والتي تشكل، في نظرهم، مرادفاً لانتهاك الخصوصية الثقافية والاستنزاف الاقتصادي، بحيث إن العولمة تمثل تهديداً لقيمهم كما لمحفظاتهم النقدية. ولم تسهم هجمات 11 سبتمبر واضطرابات الشرق الأوسط والنوايا السيئة إلا في تعزيز هذا الشعور وتأجيج التوتر بين الشعوب والثقافات. وتعرضت العلاقات بين أتباع الديانات التوحيدية الثلاث إلى امتحان عسير. ومع أن حركات الهجرة الدولية أدت، بعدد غير مسبوق من الأشخاص من ديانات وثقافات مختلفة، إلى العيش جنباً إلى جنب، فإن الأفكار المسبقة والصور النمطية التي تروج لفكرة صدام الحضارات انتشرت أكثر. ويبدو أن بعض المجموعات مندفعة نحو تأجيج حرب دينية جديدة على مستوى عالمي هذه المرة، وهي المهمة التي تسهلها لامبالاة واحتقار مجموعات أخرى لمعتقداتها أو رموزها. باختصار، لا يمكن لفكرة تحالف الحضارات أن تنضج طالما أننا لا نعيش في عوالم مختلفة بعكس أجدادنا. وساهمت حركات الهجرة والاندماج والتقنية في التقريب بين مختلف الجماعات والثقافات والإثنيات، مُسقطة بذلك الحواجز البالية ومميطة اللثام عن حقائق جديدة. إننا نعيش بشكل غير مسبوق من قبل جنباً إلى جنب خاضعين لتأثيرات عديدة وأفكار مختلفة. ومن الواضح أن شيطنة الآخر هي الطريق السهل، فمازلنا في القرن الواحد والعشرين رهائن فهمنا للظلم وحقوقنا، وأصبحنا حبيسي خطابنا. هكذا يشكل الغرب، لكثير من الناس في العالم ولاسيما المسلمين، تهديداً لمعتقداتهم وقيمهم ومصالحهم الاقتصادية وتطلعاتهم السياسية وأي دليل بعكس ذلك يُقابل باحتقار أو تشكيك. نفس الشيء بالنسبة إلى الغربيين الذين يعتبرون الإسلام دين تطرف وعنف مع العلم بأن هذين العالمين يقيمان بينهما منذ أمد بعيد علاقات تحتل فيها التجارة والتعاون والتبادل الثقافي مكانة توازي النزاعات.

0 التعليقات: