Recent Posts

سجل الزوار

مؤسسة محمد السادس للتربية والتكوين

«التعددية السياسية بالمغرب من الأمس إلى محك الانتقال الديمقراطي» محمد الحاضي .

بواسطة الأستاذ حميد هيمة بتاريخ الخميس، 11 فبراير 2010 | 2/11/2010 03:55:00 ص

تقديم الكتاب للأستاذ أحمد حرزني :
لم ينل المغرب، من بنيه على الأقل، حظه من دراسة تجربته الانتقالية، رغم، أو ربما بسبب الفرادة المفترضة لهذه التجربة وغناها وتعقدها.فالانتقالوجيون المغاربة قلة، وكتاباتهم شحيحة. مما ينتج عنه، حتما فقر في النقاش الوطني قد يساهم كعامل مستقل في التأثير سلبا على عملية الانتقال الديمقراطي برمتها. وينتج عنه أيضا حيف يتمثل في المفارقة الصارخة بين إنجازات مشرفة جدا حققها المغرب في مجال الانتقال، وفي مجال الدمقرطة، وفي مجال المصالحة، ناهيك عن مجالات أخرى، وبين صيته بين الأمم، الذي لا يزال للأسف دون ما يطمح إليه ودون ما يستحقه فعلا.هل هي استقالة المثقفين والجامعيين كما نلمسها في مضامير أخرى؟ هل هو فخ "الخصوصية المغربية" الذي يسقط فيه بعض الدارسين حتى قبل أن يشرعوا في دراساتهم، والذي يسجنهم مثلا في مفهوم “ المخزن” «وما هو بمفهوم» لما يكونون بصدد تحليل النظام السياسي المغربي؟
لا أدري. لا أدري متى وكيف ستنفك العقدة الإبستمولوجية للمثقف المغربي، ولا عقدة لسانه ولا عقده الأخرى.ولكن ما أدريه هو أن معين التفكير لم ينبض بعد تماما. هناك مغاربة ومغربيات كثيرون يتعاركون يوميا مع محيطهم لفهمه وفهم ما يجري فيه، غير مستسلمين للصيغ الجاهزة، سواء أكانت محافظة أوعدمية. ومن أفضال المدرسة المغربية، على عاهاتها، أن هؤلاء المغاربة والمغربيات تجدهم اليوم ليس في الرباط أو البيضاء أو فاس أو مراكش فقط، وإنما تجدهم أيضا في المدن الصغرى، وفي القرى وحتى، أحيانا، في بعض الدواوير.محمد الحاضي واحد من هؤلاء، وأعرف أن زوجته الكريمة السعدية، هي أيضا واحدة من هؤلاء هما من أبناء مشرع بلقصيري الذي لا أدريه، وما أكثر ما لا أدري، هل هو مـديـنـة صغرى أو متوسطة أو قرية. يحرسان هناك نهر سبو العظيم، حريصين على ألا يصيبه أذى، فيصاب الملايين من البشر الذين يعيشون بفضله.ليسا أستاذين جامعيين، ولكنهما مسكونان بهموم الوطن مصممان على ممارسة مواطنتهما، عازمان على تفكيك رموز المحيط والمجريات بالارتكاز على تفكيرهما الحر المستقل، حتى يتسنى لهما أن يختارا عن دراية واقتناع الطريق التي يسلكانها. محمد تجرأ أن يناطح قضايا خجل آخرون أن يطرقوها، ألا وهي قضايا الانتقال الديمقراطي في المغرب بالذات. واختار أن يتعرض لها من زاوية الحقل الحزبي، وبصفة أدق زاوية التعددية الحزبية.وإنه لعمري اختيار وجيه، لا سيما وأن الانتقال الديمقراطي في المغرب بات رهينا بظهور حركة سياسية « حزب، قديم أو جديد أو تكثل» قادرة على المشاركة الفعلية في قيادة العملية، مما يفترض طبعا أن تكون لها قاعدة شعبية انتخابية واسعة، وهو الأمر الذي يفترض بدوره أن تكون أتت بجديد في مجالات البرمجة، والتنظيم والعمل مع الناس.قد يختلف المرء مع المؤلف في منطلقاته المعيارية، الواعية أو غير الواعية. مثلا، يتكون أحيانا انطباع لدى القارئ بأن التعددية الحزبية، غير المحجوزة طبعا، هي بالنسبة للمؤلف دائما مؤشر إيجابي، بينما ألمحت في الفقرة السابقة إلى أن التكتل، في بعض المراحل على الأقل، قد يكون هو المطلوب.
كذلك قد يكون هناك اختلاف في تقييم الحالة الميدانية للتعددية في هذه المرحلة أو تلك من تاريخ المغرب. دائما على سبيل المثال، لنأخذ حزب الاستقلال… قبل الاستقلال. صحيح أنه كاد أن يكون حزبا وحيدا. ولكنه كان مخترقا بالعديد من التيارات والحساسيات. وإلا كيف نفهم نشأة حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بضع سنوات فقط بعد الحصول على الاستقلال؟
نقط أخرى يمكن أن يكون حولها خلاف، ولا بأس طبعا من الخلاف. المهم أن محمد الحاضي اجتهد حقا، وعالج موضوعه بجد وبتماسك في منهجه. والأهم ربما أنه أعطانا دليلا حيا على الدمقرطة الفعلية للنقاش الوطني في مغرب اليوم. فعسى أن تثير بادرته قريحة مثقفي العواصم.

0 التعليقات: